شهد يوم السابع و العشرين دعوات لمليونية جديدة فى تلك الجمعة و استجاب الكثيرون و انتشرت التسميات المختلفة للجمعة مثل جمعة احياء الثورة و الموجة الثانية من الثورة و جمعة الغضب الثانية , ومن قبل ذلك بعدة أيام أعلنت جماعة الاخوان المسلمين عدم المشاركة و لم يكتفوا بذلك بل حرضوا على عدم الخروج .
كنت من المستجيبين لدعوة النزول إلى المليونية لأعود إلى الميدان بعد أن غبت عنه منذ الثامن من فبراير , وصلت مبكرا مع صديقى العزيز محمود رجب و كان انطباعنا الأول هو قلة الأعداد فى ذلك الوقت المبكر و انتشار الباعة الجائلين و عملية تجهيز المنصات التى تتم على قدم و ساق أضف إلى ذلك ارتفاع درجة الحرارة و التى تم التحذير منها حتى لا يصاب الحاضرون بضربات الشمس و الإغماءات , ظللنا نتنقل من ظل إلى ظل حتى صلاة الجمعة و التى وضح فيها زيادة الأعداد مما بشر بمليونية قادمة رغم صعوبة الطقس .
تحول الطقس بعد صلاة الجمعة من طقس شديد الحرارة إلى طقس ربيعى بديع بعد أن ظللتنا السحب و حجبت عنا أشعة الشمس الحارقة و صاحب ذلك الهواء العليل , أخذ الكثيرون يفسرون ذلك بأن الله راضٍ عنا و آخرون بأن ذلك ببركة دماء الشهداء الطاهرة التى سالت على أرض الميدان أثناء أحداث الثورة .
وبعد صلاة الجمعة و ما شهدته من دعاء كثيف و تأثر الحاضرون بالدعاء قمت بجولة فى الميدان لتفقد أحواله فكانت دوائر النقاش الصغيرة هى الغالبة مع ضعف عام فى أداء المنصات , ظللت أطوف بالميدان متنقلا من منصة إلى منصة إلى أن انتهى بى الحال جالسا ناحية كوبرى قصر النيل , حتى تنبهت إلى صوت رامى عصام - مطرب الثورة - على المنصة القريبة , لاحظت أن المتابعين لرامى من مختلف الأعمار كبارا و صغار ، رجالا و نساء و بدا الجميع مستمتعا , و استمر رامى يشدو بأغانيه ذات الاسقاطات البديعة و التى كنا نشعر بأنها تتحدث عما بداخلنا من كلمات تجول فى الصدور , تعاقب الحضور على المنصة مثل عمرو حمزاوى و المستشار زكريا عبد العزيز و الصحفية كريمة الحفناوى و بين كل كلمة يمتعنا رامى بأغنية من أغانيه , زاد المتابعون إلى المنصة حتى استحوذت على قرابة نصف من فى الميدان .
ملاحظاتى :-
1- رغم امتلاء الميدان إلا أنى أرى أن هذه ليست قوتنا الكاملة , فإذا أردت أن ترى الصورة الكاملة فعليك أن تنظر إلى تاريخ اليوم - 27 مايو - أى فترة الامتحانات ، و التى دفعت الكثير من شباب المدارس و الجامعات - الذين يمثلون نسبة كبيرة من المشاركين فى الثورة - إلى عدم الحضور بسبب المذاكرة و الامتحانات , كذلك ما سبق من عمليات تخوين و حشد ضد عدم النزول و الذى بالتأكيد أثر فى البعض و جعلهم يمتنعون عن النزول إلى الميدان .
2- الاخوان كانوا الخاسر الأكبر فى ذلك اليوم ، فالقوى السياسية أثبتت قدرتها على حشد أعداد كبيرة فى ظل امتناع الاخوان عن المشاركة , و كانت هناك حالة من الغضب العام من الحاضرين تجاه تغيب الاخوان , فهم ينظرون إلى الاخوان بصفتهم شريك فى الثورة لا يصح غيابه , و ان كان الاخوان برروا عدم مشاركتهم بسبب مطالب مجلس رئاسى مدنى و تأجيل الانتخابات و وضع دستور جديد قبل الانتخابات فإنى أرد عليهم بأن الكثيريين مثلى رافضون لهذه المطالب أيضا لكنهم شاركوا فى اليوم ليساندوا بقية المطالب و يعلنوا رفضهم لهذه المطالب الثلاثة .
3- فى رأيى كانت منصة التحالف الاشتراكى من أقل المنصات حضورا للمتابعين و من أصغرها حجما أيضا , و ربما كان سبب انصراف المتابعين عنها استخدامهم لشعارات صعبة و معقدة تجعل من الصعب على الحضور ترديدها , ليست شعارات اشتراكية و لكن شعارات ثورية مثل التى ترددت أثناء الثورة و لكن المشكلة فى الصياغة .
4- كانت اعداد الحضور كبيرة و لم تكن كما صور البعض أن الميدان لم يكن ممتلأ اعتمادا على المقارنة بين صورة الميدان يوم 18 فبراير و يوم 27 مايو , فكيف نقارن جمعة الاحتفال برحيل مبارك حيث كان الشعب مازال يعيش فوران الثورة و نشوة النصر بجمعة تلت ذلك بثلاثة أشهر و نصف بعد أن خمل البعض و قلت حماسة البعض .
5- أرفض أن يصور أحدهم الميدان من ناحية المتحف المصرى ليبدو الميدان قليل الأعداد , و يبدو أن من ألتقط تلك الصور لم يذهب من قبل إلى الميدان , لأن تلك الناحية كانت دائما الأضعف حضورا حتى أثناء الثمانية عشر يوما الأولى من الثورة و هو ما يبرر أن معظم هجمات البلطجية كانت من تلك الناحية .
شئتم ام أبيتم فقد كانت مليونية و قد استمتعنا جميعا بذلك اليوم الجميل .
أخيرا ,أدعو الله أن يحفظ مصرنا من كل سوء و يوفقنا إلى ما فيه خيرها و صلاحها .