الاثنين، 12 مايو 2014

ليست انتخابات تُقاطع ... ليست انتخابات




أنصاف الحلول ليست حلول، لا تصدقهم حين يخبروك أن نصف العمى أفضل من العمى كله، نصف العمى أحياناً يكون مقدمة للعمى كله، البصر أفضل من نصف العمى و من العمى كله، لماذا لا نستمر في البحث عن النور (الضياء - عكس الظلام – مش الحزب)، لماذا لا نؤمن بأن النور لم يعد موجود، و إن ءامنا إنه موجود فلما لم نعد نؤمن بقدرتنا على الوصول إليه، إن كنا غير قادرين على التغيير الآن في اللحظة الحالية فليس علينا أن نشترك في مسرحيات الآخريين، صعودك للمسرح يجعل منك شريكاً في المسرحية، حتى و لو لم تتحدث، حتى لو وقفت ثابتاً لا تتحرك ... لماذا نشترك في انتخابات ليست إلا مراسم تنصيب للجنرال المنتصر، لماذا نشترك في انتخابات الأمان الشخصي فيها غير مضمون في ظل حالة الشحن التي يمر بها الشارع، انتخابات لن تسمح فيها دولة السيسي بغير فوز السيسي، فتلك المجازر لم تكن نهماً في الدماء، والحشد الإعلامي الضخم المسبح ليل نهار بحمد السيسي وتشويه كل من عارضه أواتخذ موقفاً مخالفاً له أو انتقده ليس مصدره أبواب شرف المهنة أوالميثاق الإعلامي (المنتظر - المفترض - الموعود - الأسطوري) أو حق المشاهد في معرفة الحقيقة، انتخابات لن تختلف عن الاستفتاء الأخير، انتخابات تم الدفع بصباحي إليها ليكون المنافس في ظل الإحجام عن الترشح، انتخابات أُريد أن يكون المنافس فيها مرشحاً ذا ثقل وسابق تجربة يمنح المسرحية شكل المنافسة و بعض المصداقية، انتخابات احجم المترشحون عنها إماً خوفاً من غضبة الجنرال، و إما إدراكاً للواقع الذي لا يسمح للتنافس أن يأخذ حيزاً بين ثنيات الواقع ... انتخابات لا استبعد التزوير فيها من أجل إظهار أرقام المشاركة أكبر من حقيقتها، على عكس ما اعتدنا عليه بأن يكون التزوير لمنح الفوز لمن لم يستحق، من أجل إظهار الانتخابات في صورة العرس الديموقراطي الذي نال ثقة عشرات الملايين من المواطنين من أجل تحسين انطباع الغرب عن النظام الجديد الذي يوشك على البزوغ.

لو أن هناك معركة تستحق المشاركة فيها فهي انتخابات مجلس الشعب القادم (إن كان مقدراً لها أن تُقام)، لأن عندها لن تكون الآلة الإعلامية قادرة على الحشد بنفس الصورة، و لن تكون مجرد تنافس بين اتجاهين فقط، و ليس الفوز بها مضموناً لأي فريق دون الآخر، و هو ما قد يستدعي النظام الوليد أن يمارس التزوير فيها بفجاجة كما حدث في انتخابات مجلس الشعب 2010 من أجل أن يحكم النظام قبضته على كل سلطات الدولة.

إننا أمام نظام جديد يخرج من بين رماد الأنظمة السابقة، نظام لا يجد أي حرج في الحكم بالحديد و النار و تطويع القضاء من أجل خدمة مصالحه الشخصية، نظامٌ قد يمتد لثلاثين عاماً قادمة و ليس لفترتين انتخابيتين، نظامٌ يتمنى أن يكون الجميع مشاركاً في تنصيبه ليخرج علينا فيما بعد كلما احتاج الأمر بكلمات كالشرعية و الخروج على مبادئ الديموقراطية، نظامٌ يتمنى أن نختار أنصاف الحلول من جديد كما فعلنا مع مرسي، أنصاف الحلول التي كانت من الأسباب الرئيسية لوصولنا للنقطة التي نقف عليها الآن، دعونا لا نكرر الخطأ أملاً في نتيجة أخرى .... دعونا نبتعد عن المسرح كل البعد، ولا حتى أن نرتبط به بصفة المشاهدين، تجاهلوا تلك المسرحية و سيروا في الشوارع التي تحملكم بعيداً عن المسرح، تجاهلوهم طالما لن تتمكنوا من إيقافهم .... لا تصعدوا على المسرح .