لأن أهم قواعد كرة القدم هي "لا شيء
متوقع و كل شيء ممكن " ، لأن كرة القدم لا تعترف إلا ب "90 دقيقة"
و "كرة تعبر الخط" و "صافرة حكم" ، لذلك فإن سياسة كرة القدم
ليست كأي سياسة ، و لا تخضع لنفس القواعد التي يخضع لها كثير من مجالات الحياة
المتعددة .
لأن منتخب الدانمارك لم يتأهل حتى لبطولة أمم أوروبا 1992 ، لكنه شارك فيها بدلاً من يوغوسلافيا التي لم تشارك بسبب الحرب ، لتنتهي البطولة بتتويج المنتخب الدانماركي بطلاً لأوروبا للمرة الأولى و الأخيرة حتى الآن .
لأن منتخب الدانمارك لم يتأهل حتى لبطولة أمم أوروبا 1992 ، لكنه شارك فيها بدلاً من يوغوسلافيا التي لم تشارك بسبب الحرب ، لتنتهي البطولة بتتويج المنتخب الدانماركي بطلاً لأوروبا للمرة الأولى و الأخيرة حتى الآن .
لأن العراق فازت بكأس أمم آسيا للمرة
الأولى في تاريخها عام 2007 ، فقط بعد أربع سنوات من غزو العراق ، و رغم كل ما
تعرضت له دولة أسود الرافدين من تدمير و تخريب .
لأن أول ظهور لأنجولا في بطولة أمم أفريقيا
كان عام 1996 ، و لم تتخط الدور الأول من بطولة أمم أفريقيا حتى بطولة 2006 ، لكنها
تأهلت لأول مرة في تاريخها لكأس العالم في بطولة 2006 في ألمانيا .
لأن توجو التي لم تتخط الدور الأول من
بطولة أمم أفريقيا إلا في بطولة 2013 ، تأهلت لأول مرة في تاريخها إلى بطولة كأس
العالم 2006 .
لأن منتخب البوسنة و الهرسك الذي تأسس عام
1993 ، و لم يتأهل أبداً إلى بطولة أمم أوروبا ، سيشارك في بطولة كأس العالم 2014
في البرازيل كسابقة أولى في تاريخهم الكروي .
لأن منتخب الأردن الذي لم يشارك في بطولة أمم
آسيا سوى في 2004 في الصين و 2011 في البحرين ، و لم يتأهل قط إلى بطولة كأس العالم
، سيكون لديه فرصة تتمثل في مبارتين في مواجهة أوروجواي يصعد الفائز بمجموعهما إلى
كأس العالم البرازيل 2014 .
لأن لاعبين أمثال "إريك كانتونا"
لاعب مانشستر يونايتد ، والليبيري "جورج وايا" الحاصل على لقب أفضل لاعب
في أوروبا و أفضل لاعب في العالم عام 1995 ، و "ألفريدو دي ستيفانو"
لاعب ريال مدريد الشهير ، لم يلعبوا في كأس العالم .
لأن لاعبين بحجم "إيان راش" لاعب
ليفربول ، و "ريان جيجز" لاعب مانشستر يونايتد ، و "جاريث
بيل" أغلى لاعب في العالم الذي يلعب لريال مدريد ، لم يلعبوا في كأس العالم لأنهم
يلعبون لمنتخب ويلز الذي لم يتأهل أبداً لبطولة أمم أوروبا ، و له مشاركة وحيدة في
كأس العالم عام 1958 .
كل تلك أمثلة على أن كرة القدم لا تعترف
بأي شيء سوى بمجهود اللاعبين داخل المستطيل الأخضر ، فقط 11 لاعب لديهم حظ كافي هو
ما يهم للوصول لكأس العالم من عدمه ، و أن كرة القدم لا علاقة لها بأحوال البلاد
السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الصحية أو أي حال من الأحوال ، فقط ما يهم
هم من يقفون فوق أرض الملعب أثناء التسعين دقيقة و مدى قدرتهم على إجبار الكرة على
عبور الخط من عدمه و إقناع الحكم أنها عبرت الخط بالفعل .
لكن ما يحير حقاً و يثير الاستياء هو تحميل
كرة القدم أكثر مما تحتمل ، و تحميل مباراة أو حتى وصول لبطولة كبيرة بأشياء لا
علاقة لها بها ، و تحميل فوز أو هزيمة بأكثر مما يستحق، و المبالغة في إبداء
الإعجاب أو الشماتة بطريقة عجيبة تعكس تبلد مخ صاحبها ، و تحليل مباراة كرة القدم
خارج إطار كرة القدم ، كل هذه ظواهر تستحق الدراسة حقاً ، لماذا يكلف أحدهم عناء
كل هذا ، لماذا لا يترك من لا يحبون اللعبة لمن يعشقونها و يصمتون ، فقط يصمتون ،
و لماذا لا يتوقف أولئك الذين لا يحبون الكرة و لا يشاهدونها عن التصرف كمن يفعلون
، لماذا لا يبحثون حقاً عن شيء يحبونه يستغلون فيه أوقاتهم المهدرة ... لا يمكنني أن أوجه لوم لعاشق فمرآة الحب عمياء بكماء خرساء ، لكني أتمنى
منهم هم أيضاً أن يتوقفوا عن الحديث عن كرة القدم بغير كرة القدم ، و
تفسيرها و تحليلها بغير ما فيها ، فما فيها يكفي و يزيد حقاً .
أخيراً ، اتمنى أن استيقظ يوماً لأجد كابوس
المبالغة في ردود الأفعال ، و تحميل الأشياء بما ليس فيها و أكثر مما تحتمل قد زال
و ذهب إلى غير رجعة .
*لاحظ حتى أني لم اشر إلى الحدث الذي بسببه كتبت كل هذا ، فهذا الحدث للأسف يتكرر بصور مختلفة و أبطال متغيرين مع ثبات رد الفعل عند الجمهور !*